مجموعة مسابح العقيق (AGAT)
لقد قيل أن هذا الحجر سمي بالعقيق "لعقّه" بعض أنواع الحجارة أي لشقّه إياها كما ذكر الكرملي . وقال البيروني عن حجر العقيق (أن صنم هبل الذي كان في الكعبة المكرمة ، قبل الإسلام ، من عقيق مكسور اليد اليمنى أضافوا إليه يد من ذهب) . وهذا الحجر معروف لدى كل الحضارات البائدة والقديمة والمستحدثة واستخدم بأشكال شتى ولكافة الأغراض كالزينة في القلائد والعقود والخواتم والأختام وغيرها . كما اثيرت حول هذا الحجر طائفة من الأساطير القديمة والخرافات فقد قيل أنه يهديء الروع عند النزاع ويبيض الأسنان ويذهب صدأها عند الحك ويمكنه إيقاف النزيف وإلى آخر ذلك من هذه الأساطير الطبية أو الدينية الأصل .
وبسبب خواصه فقد استخدم بأشكاله وألوانه المختلفة للحفر أو النقش عليه وعلى سطوحه وبزخارف متنوعة ولقد عومل بحرفيّة يدوية بالغة في باديء الامر ثم استخدمت في طريقة النقش عليه الحوامض لإبراز النقش عليه (كالطريقة الإيرانية) وخصوصا الخطوط الكتابية وعلى الأختام الشخصية .
عموما اشتهر العقيق منذ بدء الحضارات الأولى في وادي الرافدين ووادي النيل والحضارات الإغريقية والرومانية بشكل خاص . كما واشتهر العقيق عند العرب وخصوصا ذلك النوع المسمى بالعقيق اليماني (يمنيّ الأصل والمواصفات) حيث يمتاز هذا النوع بلمعانه الفائق ومائيته الرائقة ولونه الأحمر الغامق القريب من لون الشاي كما يمتاز بكونه حجر صلب ومعمر ، إلا أن مصدر تعدينه واستخراجه من اليمن قد قلّ في الآونة الأخيرة لعد استخدام التكنولوجيا الحديثة في طرق الاستخراج في هذه المنطقة وحيث لا تزال طرق استخراجه تتم بالطرق القديمة كما أن تصنيعه لا يزال يتم حسب علمنا إلى يومنا هذا . وفي هذا المجال وبسبب الرغبة الشديدة لطالبي هذه المادة من العرب فلا يزال كثير من الباعة يوهمون المشترين بأن ما يبيعونه هو العقيق اليماني وإن كانت الحقيقة هي غير ذلك .
إن أساس حجر العقيق هو ثاني أكسيد السيلكون تتداخل في ه ضروب مختلفة من معدن المرو - الكوارتز - وشوائب أخرى كثيرة أحيانا حيث تكون شفافة وغير شفافة مما يضفي على الحجر ألوانا مختلفة متباينة . ويتواجد هذا الحجر في معظم الأحوال في الأحجار البركانية ذات التجاويف المبطنة بالبلورات والمواد المعدنية الأخرى ، حيث يكون معدل صلادة أو صلابة الحجر بحدود (7) من (10) على مقياس موسى ويتراوح وزنه النوعي بمعدل ما بين 2,62 إلى 2,64 غم / سم مكعب . وكان العقيق يقطع عادة بقطع مستديرة أو قطع تستخدم كفصوص في الخواتم بيضوية الشكل أو مستديرة أما في الوقت الحالي فلقد أصبح في الإمكان تقطيعه وتشكيله وصقله بكافة الأشكال المطلوبة للأغراض المختلفة وحسب امكانات الأحجار المتاحة .
وبسبب دخول معادن وبلورات متعددة على هذا الحجر فقد تبلور هذا الحجر بألوان عدة وإن كان أغلبها ما يميل إلى مجموعة تدرجات اللون الأحمر الداكن إلى الرائق الرمّاني وفيما يلي بعض الألوان الشائعة من العقيق :
العقيق الأحمر (Chrysoprase) .
العقيق الأصفر أو البرتقالي .
العقيق غير الكامل التبلور ومنه الأبيض المشرق (Chalcedony) .
العقيق الأخضر من نوع كارنلين (Carnelian) أو ما يسمى بعقيق البلازما أحيانا (Plasma speckled) .
العقيق المطحلب (M*** Agate) ويكون عديم اللون أو شفافا أبيضا به لون رمادي أحيانا تتداخل فيه شوائب نباتية الشكل أقرب إلى اللون الأخضر أو الأسود أحيانا .
العقيق المعيّن (Aye Agate) حيث توجد فيه خطوط دائرية بشكل عين وتكون قاعدته بألوان متعددة أحيانا .
العقيق الأسود أو الداكن (Black Agate) .
العقيق السليماني (هي لفظة عراقية عامية ولم نجد لها لفظة حديثة مقاربة والمسبحة منه تسمى بـ "المسبحة السليمانية") وهو نوع منقرض من العقيق يتشكل من خطوط سوداء وبيضاء أو بنية اللون أو داكنة أما الأنواع المستخرجة حديثا منه فتتداخل الخطوط الحمراء فيه .
العقيق الرمادي اللون .
إن معظم المسابح المنتجة من خام العقيق هذا اليوم هي من ألوان العقيق الأحمر أو الداكن اللون واندرها هي المنتجة من خام العقيق الأخضر الرائق اللون والشديد اللمعان وبعضها ما يميل لونه إلى اللون الأزرق الفاتح . كذلك من هذا الخام ما كان مصنوعا من اللون الأبيض الشفاف أو اللون الحليبي .
عموما تقوم في الهند صناعة رائجة للمسبحة من هذا الخام وينتج منها كميات كبيرة وإن كان أكثرها من الخام الرديء والذي أشبه ما يكون بالحصى الذي يميل لونها إلى اللون الأحمر المشرب بالحمرة أو البني أو الرمادي وتتخلله شوائب ترابية وحجرية كثيرة ولذلك يصبح في الإمكان تمييز هذه الأنواع خصوصا إذا ما رافق ذلك عدم اتقان عمل حبات المسبحة والتي تكون غالبا غير منتظمة الحبات وغير متقنة الصقل بسبب عدم وجود المهارة في المراحل الصناعية لها .
أما معظم ما يصنع بصورة جيدة هو في الدول الأوربية وتايوان وهونق كونق والصين . عموما فقد لوحظ ان معظم المسابح الجيدة من خام العقيق صنعت في أماكن من غير أماكن تواجد هذا الخام بصورة طبيعية على الرغم من تواجد الخام من العقيق في كثير من مناطق العالم مثل الهند والصين واليمن إلا أن البرازيل والأرغواي تميزت حاليا بالتصدير الرئيسي له هذه الأيام .
حاليا ينتج من خام العقيق الجيد والرديء على حد سواء وبألوان مختلفة وعلى الرغم من عدم ارتفاع أسعار هذا الخام إلى حد كبير إلا أن الصناع قلدوا هذا الخام وصنعوا المسبحة من الخام القلد صناعيا بحيث يصعب أحيانا التفرقة ما بين الحجر الأصيل (الأحجار المزيفة صناعيا مما قد يستدعي وجود الخبرة اللازمة في التمييز بين الأحجار عند شراء المسبحة من هذا الخام) .
إن معظم قياسات مسابح العقيق تخضع إلى نفس معدل القياسات التي أشرنا إليها آنفا من حيث عدد حبات المسبحة أو حجم حباتها ، مع وجود بعض الاستثناءات ، إذ لوحظ وجود مسابح ذات حبات كروية أو بيضوية يبلغ قطرها أكثر من (
ملم أما عدد الحبات فهو لا يتجاوز (33) حبة بشكل عام . أما بقية معدل الحبات فهي (33) أو (66) حبة وبمعدل قطري للحبة يتراوح بحدود 4 ملم ، وأحيانا (99) حبة وبمعدل قطري للحبة يتراوح بحدود 3 ملم . إلا أنه لُوحظ الثقل النوعي لهذه المسابح .
عموما فإن أفضل ما رأينا من هذه المسابح المنتجة من هذا الخام ما كانت حباتها كروية الشكل متقنة الصقل والنماثل التام مع صناعة مدهشة للفواصل والمنارة بالإضافة إلى إتقان تثقيب الحبات بشكل متوازن ومتناسب تماما خصوصا إذا ما رافق ذلك صناعتها من الألوان النادرة .
ولعل أندر المسابح من هذا الخام ما كان لونها أخضرا رائقا أو ما كان أصل الخام المصنوع منها يمانيا أحمرا وهذه الأنواع أغلى سعرا ضمن هذه المجموعة يليها العقيق الأزرق أو العقيق الموشح بخطوط حمراء أو سوداء ومن ثم من اللون الأحمر الباهت وغير الرائق وإلى آخر قائمة الألوان الأخرى والتي ذكناها آنفا .
عموما فإن مسابح هذا الخام ليست فاحشة أو مرتفعة جدا وأصبح في الإمكان أن يشتريها الناس بمبلغ معقول على أن يراعى أصالة الخام وتدقيقه وتفحص المسبحة من حيث توازن التثقيب والصقل الجيد وتماثل الحبات . ولقد لوحط كثرة استخدام الناس للفواصل والمنارات الذهبية وأحيانا المطعمة والمزخرفة مع استخدام الشربات الذهبية أو الفضية وبأشكال مختلفة أحيانا . ومن جملة استطلاعنا في أسواق في هذه الأيام وجدنا مسابح من العقيق لمختلف الألوان كما تتوفر أيضا الخامات المقلدة تقليدا جيدا أو رديئا .
ب - مسابح اللازورد - اللابيس لازوليه (Lapis - Lazoli)
دخل خام اللازورد في صناعة المسبحة منذ فترة قصيرة من الزمن إلا أن استعمالاته ومنذ أيام فجر الحضارات الأولى كانت شائعة في العقود والقلائد والأختام وغير ذلك . وتعني كلمة اللازورد في الفارسية هو اللون السماوي أو الأزرق . أما العرب فقد أطلقوا على هذا الخام الثمين لفظة (العوهق) نسبة إلى لون طائر أسود اللون لريشه بريق أزرق ، وفي فترة لاحقة غلبت كلمة اللازورد في الاستخدامات اللفظية الدالة على هذا الحجر . أما الإغريق فقد سموه باسم قيانوس (Kyanos) وهو اسم إغريقي لنفس الطير المذكور عند العرب . أما الأوربيون فقدسموه باسم لابيس لازوليه . وتكوينات هذا الحجر مؤلفة من خليط من السيلكات المركبة من اللازوليت مع عناصر أخرى مختلفة حيث أن معدل صلابة هذا الحجر هي بحدود (5,5) على مقياس موسى ويبلغ معدل وزنه النوعي ما بين (2,4) إلى (2,95) غم / سم مكعب . أما ألوان هذا الحجر فالغالب أن تتدرج ما بين الأزرق الغامق إلى الفاتح وقد يشوبها بعض الخضرة أحيانا لدخول عناصر أخرى في التكيب كما يحوي سطحه المصقول بشكل جيد على أشكال خطوط أو كواكب ذهبية اللون مع عروق ذهبية أو سوداء .
وكما أسلفنا فاستخدام هذا الحجر غائر في استخدامات الحضارات القديمة ولكل الأغراض التزيينية المختلفة ويمكن في الواقع مشاهدة نماذج عديدة في كل متاحف العالم لمصنوعات هذا الحجر القيم . بل لقد استخدم أيضا في صناعة الأواني لوجهاء القوم واستخدمت الأنواع الرديئة منه في تركيبات الفسيفساء كذلك استخرجت منه صبغة النيل الزرقاء لغرض تلوين الملابس أو لأغراض أخرى .
وهذا الحجر دهني الملمس ويتواجد في الصخور الكلسية في مواطن تعدينه القديمة في أفغانستان (منطقة ساري سنك) ومنه صدر في السابق إلى العراق ومصر وإيران والعالم الغربي وبقية الأصقاع . حاليا اكتشفت مصادر له في سيبيريا وتشيلي وبعض المناطق الأخرى .
وتكتنف عملية تصنيع الحجر مخاطر ومخاوف من الإنشطارات التي تقع لهذا الحجر عند التصنيع . وقد أخبرنا أحد أصحاب المصانع في تايوان أنه يتوجب الحذر عند تصنيع حبات المسبحة من حجر اللازورد ، فقد تتعرض هذه الحبات إلى التكسر إذا لم تُنتقى النوعيات من هذا الخام ذات الصلابة والنوعية الجيدة وغير الحاوية على الشوائب الكثيرة أو البلورية . كذلك فقد تتعرض حبات المسبحة نفسها للإنشطار والتثلم عند الاستخدام اليدوي أو عند الارتطام بتأثير نفس الأسباب السابقة . عموما وإذا ما استخدمت الأنواع الرديئة من هذا الخام فقد يؤدي ذلك أحيانا إلى صبغ اليدين باللون الأزرق أو فيما إذا أضيف اللون الأزرق إلى هذا الحجر طمعا في رفع درجة بهاء الحجر ورفع أسعار بيع مسابحه المنتجة . وبمقارنة قيم أسعار مسابح اللازورد مع قيم بعض أسعار المسابح الأخرى من العقيق مثلا فإننا نجد أنها تزيد عنها قيمة . كما لاحظنا أن معظم ما صنع من هذا الحجر شمل الخامات المتوسطة الجودة أو الرديئة فضلا عن قيام بعض مصنعي المسابح بتقليد وتزوير الحجر الأصيل وأنتجت مسابح مقلدة كثيرة لهذا الحجر . كما لوحظ أيضا أن الحبات من هذا الخام تكون كروية الشكل أو بيضوية كما يكون بالإمكان تصنيع المنارة والفاصلتين من نفس المادة الأصلية .
أما القياسات التي صنعت منها الحبات فهي معظمها من القياس الأول الذي أشرنا إليه في ما سبق (أي 33 حبة) .
إن أفضل ما يباع من هذه المسابح هو عند باعة الجواهر في دول الخليج العربي أو أوربا كما أن أفضل النوعيات المصنعة وردت من أوربا أو أمريكا الجنوبية يليها بعد ذلك كمعدل وسطي ما صنع في تايوان أو هونق كونق أما أقلها جودة فهو ما صنع في أفغانستان أو الهند .
عموما فإنه يستوجب تحذير مستخدمي هذه الأنواع في توقي الارتطام الشديد أو سقوط المسبحة على أرض قاسية وذلك لاحتمال تكسر الحبات أو تثلم بعض من أجزائها نظرا لانخفاض صلابة الحجر ودخول أنواع عديدة من الشوائب فيه .
إن جمال هذا الحجر سلب الألباب منذ القدم ، وخصوصا دخول ألوان براقة أو ذهبية على سطح الخام إذا ما صقل جيدا مما يوفر بهاء جمال خلاب . وعلى الرغم من أن هذا الحجر قد استخدم منذ أزمان سحيقة في مختلف الأغراض إلا أنه لم يردنا ما يفيد بتصنيع هذا الحجر لغرض التسبيح إلا في الآونة الأخيرة وقد لا تتجاوز العقدين من الزمن . كما لاحظنا أن مجموعة كبيرة من مقتني مسابح هذا الحجر يرغبون في إضافة المنارة والفاصلتين المصنعة من الذهب الخالص والمطعمة بالأحجار الكريمة الأخرى مثل الماس والزركون (الزركون (Zircon) هو المصطلح الإنجليزي من الكلمة العربية الزرقون وهو ما يدل على اللون القرمزي . ولحجر الزرقون ألوان عديدة من الأخضر والبني ويكون أحيانا شفافا يشبه أحجار الماس ويستخدم بكثرة في الحلي التزيينية على أساس أنها ماس حقيقي ويتواجد في تايلاند وكمبوديا وفيتنام . مركباته من سيلكات الزرقونيوم وهو رباعي النظام اتلبلوري وصلابته تتراوح ما بين 4,6 إلى 4,7 على مقياس موسى) .
كما تجدر الإشارة إلى أن حجم الطلب على هذه الأنواع لا يزال غير قوي بسبب عدم إلمام بعض الناس بأهمية استخدام هذا الحجر تأريخيا ، وبالإضافة إلى ذلك فإن بعض المصنعين في بعض الدول مثل تايوان وهونق كونق وغيرها قد قاموا بتقليد هذا الحجر بدقة فائقة وإلى حد الإذهال بحيث يصعب على غير الخبير في التمييز بين الحجر الأصلي والحجر المقلد أو المدلس ، بل أن بعضهم حسنوا من بهاء اللون الأصلي بإضافة ألوان رائقة أضافت إلى اللون الأصيل لمعانا انعكاسيا يفوق الوصف والتصور .
ج - مسابح حجر الجات أو الجيد (Jade) أو اليشم .
دخل حجر الجيد أو اليشم في دائرة تصنيع المسبحة منذ قرن تقريبا ، وانتشر استعمالها في أوائل هذا القرن بعد ان تسارعت حركة التجارة الدولية مع الصين وشرقي آسيا . ومنذ قرون عديدة اهتم الصينيون به اهتماما كبيرا واعتبروه حجر في غاية النفاسة ، ونُحتت منه الحلي والقلادات والخواتم والتماثيل والأواني ، وهو ركن من أركان الفن الصيني القديم والحديث في عملية صناعة الحلي والنفائس .
وبعض العرب كان يطلق عليه حجر اليشم ، وأحيانا يطلق عليه حجر (الغلبة) باعتباره حجر حليف للنصر كما أن الصينيون القدماء صنعوه كزينة لرؤوس الحراب والسهام والفؤوس . ولقد قيل أن تقارب لون الفيروز المخضر من لونه والذي كان يسمى أحيانا بنفس اللقب اختلط على بعض الناس مما أدى إلى تجاوزات في التسمية . والمصادر الحديثة تشير إلى أن الحجر يتكون من معدنين متقاربين في المظهر وهما النفرايت (Nephrite) والجيديت (Jadeite) ، والأخير منظم تكوين هذا الحجر . وتركيبه الكيماوي يتألف عادة من سليكات الصوديوم والألمونيم ، أو المغنيسيوم والحديد مع سليكات الصوديم .
وتميل ألوانه بشكل عام إلى الخضرة بتدرجاتها ، الغامقة والمصفرة أو المحمرة أو الداكنة وإلخ ...... وقد يكون شفافا أو نصف شفاف أو معتم . أمكنة استخراجه عديدة مركزها الصين والتبت وشمال بورما وتركستان وشمال أفغانستان ، وقد يمتد إلى منطقة ألاسكا ، كما يتواجد في المكسيك وبعض مناطق أمريكا الجنوبية ونيوزيلندة . وأحيانا يتواجد بقطع كبيرة في الطبيعة .
وحبيبات المسبحة منه صنعت على شكل حبيبات كروية ذات حجم لا يزيد قطرها عن (5) ملم ، مع اختلاف تدرجات الخضرة فيها . أما ملمس حباته فلها طابع دهني ، وإن كان معظم الأحجار التي أنتجت وصنعت ، هي متوسطة الجودة . كما أن الأنواع الجيدة منها تباع عادة في محال الجواهر وقد تكون أسعار بعضها غالية . أخيرا تتصف مسابح الجيد بوزنها الاجمالي الثقيل نسبيا وعدم اشتهارها في بلاد العرب كثيرا على الرغم من انتعاش الطلب عليها مؤخرا . كما أن هنالك حالة من الجهل في تمييز مسابح الجيد بسبب فروقات الألوان وخصوصا الجيد المنتج في النمسا ، وبعض الناس من يخلط بين مسابح الجيد وبين مسابح البازهر المنتجة في أفغانستان كذلك هنالك القلة من يعلم أن بولنداتنتج جيدا أسودا (Black Polish Jade) صنعت منه المسابح ويحتار الناس عادة في معرفة كنه هذا الحجر . وكبقية الأحجار الثمينة الأولى فإن مسابح حجر الجيد قد قلدت تقليدا متقنا وبيعت على هذا الأساس .
د - مسابح البلوريات الصخرية (Quartz) - المرو - .
تشمل هذه المجموعة من حيث استخدام أحجار بعضها في صنع المسابح مثل الجمشيت - أمشست (Amethysts) والمرو الوردي (Rose Quartz) والمرو السماوي اللون والمرو المدخن (Smoky Quartz) والمرو الأصفر (Yellow Quartz) ودرّ النجف (Rock Crystal) وعين النمر أو عين الهر (Tiger`s eye - Cat`s eye) والجاسبر الأحمر (Red Jasper) وفيه الجاسبر العادي - حجر اليشب (Jasper) .
في هذا المجال سوف نتطرق إلى نوعية بعض هذه المواد بشكل مفصل مثل مادة الأمشست - الجمشت ومادة عين النمر ، ويرجع السبب في ذلك إلى شيوع استخدام بعض المواد المنتجة كمسابح وقلة الانتاج للأنواع الأخرى ، أو تشابه التفاصيل في حالات من مواد الكوارتز المختلف الألوان . إن انتاج المسابح من كافة المواد لهذه المجموعة ، بدأ خلال منتصف هذا القرن وتزايد خلال الثماتيتان إلى حد كبير كما شمل المقلدة أيضا وفيما يلي بعض التفاصيل :
- مسابح الأمشست - الجمشت (Amethysts)
الجمشت ، لفظة فارسية معربة ، كما وردت مثل الجمز ، وتعني الأحجار الكريمة ، وعند الأوبيين يسمى هذا الحجر بالامشت وهو تعبير مشتق من الصخور المستخرجة من جبال الأورال . وهذا الحجر من نفس عائلة البلور الصخري (Quartz) ذو لون بنفسجي أو أرجواني بهيج موزع في الحجر بشكل عفوي . ويعزى لونه في العادة إلى وجود شوائب دقيقة جدا من مركبات المنجنيز أو مركبات الحديد أو سيانيد البوتاسيوم ويبلغ وزنه النوعي 2,66 غم / سم مكعب وصلادته هي 7 من 10 على مقياس موسى ، أما نظام الحجر البلوري فهو ثلاثي ويقال أن أحد العلماء الأقدمين (التيفاشي) سماه بالحجر الحديدي . والحجر معروفا ومستحسنا عند العرب حيث ذكرته الروايات بأنه كان يُجلب من قرية تسمى الصفراء تبعد مسيرة ثلاثة أيام عن المدينة المنورة في منطقة الحجاز .
ولقد رويت الأساطير والمعتقدات عنه ، وظن بعض الناس أنه يُعطي الشجاعة لمن يلبسه ، وأن من شرب في كأس مصنع ومنحوت منه لا يسكر ، ومن دفنه تحت مخدته لا يحلم بالأحلام الفاسدة وغير ذلك من الأساطير ... وقال البيروني (أحد العلماء العرب) : إن عرش بلقيس صنع من هذا الحجر .
ويشيع انتاج هذا الحجر في مناطق عديدة منها البرازيل والأرغواي وجنوب أفريقيا وبعض المناطق في أمريكا الجنوبية الأخرى ، كما يتواجد في الهند وسيلان (سيريلانكا) واليابان وسيبيريا ومدغشقر ومنطقة الماين وسويسرا . إن بعض الأحجار من هذا الخام يمكن تغيير لونها بالحرارة أو بواسطة أشعة إكس أو جاما وبذلك فإن أغلب أحجار أمشست حولت إلى اللون الأصفر بواسطة الحرارة .
ولقد صنعت منه الخواتم والحلي المختلفة والقلادات والأساور على مختلف الأشكال كما نحت الحجر بالنقوش مثل الزهور وأشكال الحيوانات والوجوه وغير ذلك .
وعلى حد علمنا فقد صنّع هذا الحجر كمسبحة عند منتصف هذا القرن واعتبرت ألوانه البنفسجية الرائقة البراقة من أجمل الألوان وغالبا ما سعّرت مسابح هذا الحجر بأسعار عالية نظرا لجمالها وصلادتها ونفاستها .
وتخضع مسابح الأمشست إلى نفس قياسات النوع الأول الذي ذكرنا آنفا من حيث شكل الحبيبات الكروية (4 - 5 ملم) مع وجود الاستثناء وعدد الحبات يتراوح من 33 حبة أو 45 حبة ، وبعض حباتها نقشت عليها الزهور أو الزخارف الجميلة أو الخطوط الطولية والمعرقة .
إن بعض المسابح المنتجة من هذا الحجر انتجت من النوع المتوسط الجودة بهدف تقليل القيمة المادية للمنتج النهائي . وانتجت الهند وسلان بعض منها حيث افتقد الاتقان في الصنعة ولم يصقل الحجر جيدا . وتباع مسابح الأمشست في معظم الأحوال عند محلات الجواهر أو باعة المسابح المشهورين ، وبسبب أسعارها المرتفعة للأنواع الجيدة منها فإنها تباع عادة إلى الأثرياء . كذلك انتشر تقليد الأمشست بمواد زجاجية مصبوغة باللون البنفسجي وبعضها ينطلي على كثير من الناس .
- مجموعة مسابح المرو (الكوارتز) Quartz الوردي - السماوي -
المدخن - الأصفر - درّ النجف وغيرها .
لقد صنعت المسابح من جميع هذه البلوريات (المرو) أعلاه وبكافة ألوانها منذ منتصف القرن وتزايدت في مرحلة الثمانينات وكان معظم الأنواع الجيدة منها صنعت في ألمانيا ودول الشرق الأقصى . ومعظم أنواعها ذات صلادة جيدة تبلغ (7) على مقياس موسى ، وقياساتها قد تتراوح ما بين النوع الأول والنوع الثاني . أي أن بعضها تكون أقطار حباتها بحدود (5) ملم وعدد الحبات يكون (33) حبة أو (45) وحتى (66) حبة أحيانا مع صناعة الفواصل والمنارات من نفس النوع . كذلك انتجت منه ما يزيد قطر حباتها عن (
ملم وتتألف من 33 حبة زائدا الفاصلتين والمنارة من نفس النوع على الرغم من الوزن النوعي الثقيل لهذه الأحجار . وأحيانا زودت بالفواصل والمنارات الذهبية الخالصة أو الذهبية المطعمة بالأحجار الأخرى أو الماس . والطلب على هذه الأنواع يقرب من الطلب على مسابح العقيق رغم حداثة انتاجها واشتهارها . وبعضها تقليدا لهذه الأنواع من مادة المرو - الكوارتز . ويقتضي لمسابح المرو وعلى اختلاف ألوانها اختيار الخيوط المتينة لها إذ لاحظنا أن بعض المستخدمين لمسبحة هذه الأنواع من الأحجار غالبا ما يعوضون الخيط بسلسلة ذهبية مما يؤدي في أحوال كثرة إلى انقطاعها بسبب الاحتكاك .
ومن مجموعة المواد التي صنعت منها المسابح هي مادة الكريستال الصخري المعروفة في العراق بمسابح درّ النجف ، ومادة هذا الحجر (دّ النجف) عرفت منذ العهد العباسي في العراق واشتهر بصناعتها للخواتم والقلائد (لا تزال هناك قلادة قديمة منه في كنوز المراقد المقدسة في كربلاء والنجف ) . وهذه المادة من عائلة البلور الصخري - Rock Crystal - سواء الشفافة أو نصف الشفافة . وتتوفر هذه المادة ومنذ القدم قرب مدينة النجف في وسط العراق وسميت بالدر لندرة هذا الحجر من ناحية ومن ناحية أخرى لشبهها الشديد بالدر الكبير من اللؤلؤ في اللون وصفة النفاسة حيث اعتبرت جوهرا . ودرّ النجف خام أبيض اللون براق تنعكس عليه الأضواء برشاقة بالغة .
وبُعيد منتصف هذا القرن بقليل اطلعنا على نموذجين لمسبحة درّ النجف في العراق ، من قبل أحد الباعة أمام المدرسة المستنصرية القديمة في بغداد . وهي ذات لون أبيض براق تتلألأ عليها الأضواء ، وقد صنعت حباتها على الشكل البيضوي غير المنتظم تماما وقدرنا أن قطر الحبة فيها قد يفوق (
ملم وطولها قد يكون (12) ملم ، فواصلها ومناراتها من نفس المادة وإن كانت المنارة أقرب إلى الشكل المخروطي . واليوم يحتفظ بها قلة من الناس ، ويحتمل أن يكون زمن التصنيع بما يفوق القرن من الزمان ، حيث أن البحث والاستخراج لهذه المادة قد توقف ، ولم نسمع عن أي اهتمام في البحث عنها . ولقد أخبرنا بعض كبار السن أن حجر درّ النجف كان يعثر عليه بالمصادفة أو البحث كمن يفتش على أشكال تقرب من أشكال الحصى المتناثرة في صحراء النجف .
وضمن هذا السياق فقد انتجت مسابح من مادة الكريستال الصخري سواء الشفافة أو المعتمة ، أو المصقولة تماما أو المضلعة الماسية الشكل ، وقد اشتهرت عند منتصف هذا القرن وتقوم بصناعتها مصانع الكريستال في بوهيميا وألمانيا والنمسا وفرنسا . وبعض المسابح من هذا النوع تصنع حباتها بالشكل المضلع الماسي الشكل والتي تعكس الألوان المتلألئة البيضاء والصفراء والزرقاء والحمراء وإلخ ....... وبقية أشكال الحبات كروية ولا يزيد معدل قطرها عن 5 - 6 ملم وإن كان هنالك أصغر حجما من ذلك .
ومسابح الكريستال الأصلية أقرب إلى أسعار مسابح الأحجار البلورية التي مرّ ذكرها . وقد راجت ومنذ عقود مسابح الزجاج المقلدة للكريستال الصخري بعد خلط الزجاج بخام الرصاص وأصبح من الصعب جدا التفريق بين النوعين إضافة إلى الانتاج الزجاجي لكافة الأنواع .
هـ - مسابح عين النمر وعين الهر أو القط (Tiger`s eye - Cat`s eye)
إن خام أحجار عين النمر وعين القط متشابهة في التكوين الطبيعي وإن اختلف الشكل الظاهري واللون . وهي عموما من عائلة (الكوارتز - المرو ، أي تكوينات معادن السيلكا المتبلورة) . فحجر عين النمر يتكون من بلورات ليفية أو خيطية الشكل ذات لون أصفر تحوي تركيبتها بيروكسيتات من سليكات الصوديوم والحديد المائية . ولهذه الألياف مواصفات لها قابلية ومواصفات حجر الأوبال مثلا في عكس الضوء (أي عكس الضوء باللألأة) نظرا لوجود شوائب معينة في صميم هيئة الألياف ، أما أهم مناطق انتاج هذا الخام فهي جنوب أفريقيا والبرازيل وبعض الدول الأخرى .
أما حجر عين القط ، من الكوارتز (المرو) فإنه يحوي على شعيرات دقيقة وعلى شكل خيوط رفيعة ومتوازية تنعكس منها الأشعة الضوئية بشكل البريق المتموج (على هيئة حزم ضوئية خاصة) . وهذه الحزم يغلب على ألوانها البياض وتظهر في الحجر كخط في وسط تكثر فيه ألوان الأزرق والأخضر أو ألوان متممة أخرى ، وعند تقليب الحجر تنعكس تلك الأشعة التي ذكرناها والتي تشبه انعكاسات الأضواء في عين القط . مصادر هذا الحجر قد تتركز في الهند والبرازيل وسيلان وألمانيا .
ومسابح عين النمر اليوم هي أكثر مسابح مادة المرو (الكوارتز) انتاجا ويقل عنها بكثير تلك المنتجة من مادة عين القط ، ومن المحتمل أن يعود السبب إلى صعوبة انتقاء أحجار عين القط بالشكل الذي يسمح فيه إجراء التناسق بين الحبات بالنسبة للخط الوسطي الأبيض في كل حبة بشكل متماثل . بعكس أحجار عين التمر الذي يمكن فيه استخدام كل الخام بصورة متكافئة حيث يضفي اللون الأصفر المتشابك مع اللون البني المتلألأ جمالية رائعة على المسبحة إن أتقن الإنتاج وصقلت حباتها جيدا . ولقد أنتجت الأنواع الجيدة من هذه الأحجار في ألمانيا والبرازيل وتايوان وهونق كونق أما الأنواع الأقل جودة فقد صنعت في الهند وسيلان أو في أفريقيا .
معظم مسابح حجر عين النمر انتجت حباتها بالشكل الكروي التام وبعضها على الشكل البيضوي ، وقياس قطر حباتها لا يزيد كمعدل عام عن (5) ملم مع بعض الاستثناءات .
و - مسابح اليشب (الجاسبر) (Jasper) .
سمي خام هذا الحجر باليشب أو اليصب ، وبعض الناس سموه اليشف وسموه الأوربيون باسم الجاسبر (في الألمانية ياسبر) واختلط الأمر على بعض الناس فسموه بحجر النار . وغالب الرأي ان هذا الحجر هو أحد ضروب المرو - الكوارتز ، الصخرية عديمة التبلور ، ولا يحظى هذا الحجر عادة باهتمام صناع الجواهر والأحجار شبه الكريمة لصناعة الحلي منه ، وألوانه معتمة منها ما يميل إلى الأحمر ، والأصفر البني والأخضر الفاقع والأزرق الرمادي ، وقد انه حجر يقبل كل الأصباغ سريعا كما لقّب بالحرباء أحيانا .
كذلك فاليشب - الجاسبر - له أشكال أخرى فهناك اليشب المخطط واليشب المصري (Egyptian Pebbles) ويكون أصفر اللون مائل للبني فيه علامات غير منتظمة ومتواجد في رواسب الصحراء الشرقية المصرية .
وأغلب اليشب يتواجد في مصر واليمن وتركستان - جنوبي روسيا - . وصلادته تبلغ (7) من (10) على مقياس موسى ووزنه النوعي 2,66 غم / سم مكعب وقد انتجت منه المسابح على مقياس حبات صغيرة (لا يزيد قطرها عن 5 ملم) بصورة عامة ، ويميل لون بعض المنتج منها إلى اللون الأقرب إلى الأحمر (Red jasper) وكذلك اللون البني المرقط ، وتقوم تايوان وهونق كونق بصناعتها وهي ذات أسعار متهاودة ، جميلة المنظر ذات صلادة جيدة ووقورة اللون ، وإن كانت لم تشتهر كثيرا عند محبي المسابح .
وعادة يخلط الناس بين مسابح اليشب وحجر الدم (Blood stone) والتي أنتجت أعداد قليلة منها . وهو حجر كاتم الإشعاع يميل لون للأحمر ، تمثل نماذج من المسابح الجاسبر - اليشب) .
ز - أمثلة أخرى على مسابح من عائلة الصخور المتبلورة أو أشباه ذلك من انواع الأحجار الأخرى .
على رأس هذه القائمة من بعض انواع الصخور المتبلورة التي انتجت منها مسابج جميلة هو الحجر الذهبي (Golden stone) . ويميل لون الحجر عادة إلى اللون البني والذهبي وأحيانا وجدت أنواع من اللون الأزرق الغامق أو اللون الأقرب إلى الأسود . وتتواجد في صميم الحجر حبيبات بلورية ذهبية اللون تعكس الأشعة الساقطة عليها وكانها نجوم صغيرة وهي ذات جمال خاص ومواصفات هذا الحجر الكيمائية نفس مواصفات ما ذكرناه سابقا عن عائلة الاحجار البلورية كذلك نفس الوزن النوعي والصلادة تقريبا مع بعض المميزات الخاصة . ولقد صنعت المسابح من هذه الأنواع خلال العقدين السابقين وصادفت شهرة وهوىً لدى الكثير من الناس وبائعي الجواهر ، وقياساتها مثل قياس الكوارتز كما أن شكل حباتها يكون أحيانا كرويا تاما أو بيضويا ، وقد تصنع أحيانا الفواصل والمنارات من هذا النوع من الحجر من الذهب المطعم وقد تكون خيوطها من السلاسل الذهبية أحيانا اخرى . وتصنع أحجاره في ألماني وتتركز حاليا في تايوان وهونق كونق والبرازيل وأجزاء من أفريقيا والهند . وبعض الناس من يطلق اسم مسبحة الجزع عليها وهو من أنواع الأونيكس الحجري .
أخيرا يصعب إيراد كل الأنواع التي صنعت منها المسابح من هذه العائلة وقسم حٌظِيَ بالشهرة المناسبة ، فعلى سبيل المثال ، صنعت من مادة الهيماتيت (خام الحديد) (Hemitite) وقلدت أيضا ، حيث تكون حبيباتها داكنة السواد براقة اللون إلا أن وزنها النوعي ثقيل جدا مما قلص من شهرتها كثيرا لصعوبة استخدام المسابح من هذا الخام . وبعض الأحجار الأخرى التي صنعت منها كخام تايوان (Taiwan ore) وحجر الرودوليت (Rodolite) والجزع العقيقي (Sardonyx) وحجر الأوبال (ذي النوعية الرخيصة) وخام الافنجرين (Aventurine) والبريل المخطط (Sripped Beryl) والجيد الرائع (Gorgeous) وحجر السنوفلاك (Snow Flake) وحجر اللافا (Lava) وغيره . ولم تعرف أو تحظى بشهرة ، عليه فلا يسعنا إيراد التفاصيل عنها .
ح - مسابح الفيروز والفيروز المقلد (Tuqoise) .
لفظة الفيروز معربة عن الفارسية (بيروذة) ، وتعني بالفارسية "النصر" . كما دعي هذا الحجر بأسماء أخرى أحيانا ، ففي العراق يسمى "الشذر" مع أن هذه الكلمة تعني القطع الصغيرة . ويعرف حجر الفيروز بالتركواز (Turquoise) لدى معظم الأوبيين بسبب نسق التصدير السابق من إيران إلى تركيا ثم إلى فرنسا ، حيث سموه الفرنسيون بالحجر التركي ، ولا يزال الاسم سائدا .
وهذا الحجر من جملة الأحجار التي عرفت في التاريخ منذ عصر الفراعنة عند الألف الرابع قبل الميلاد ، حيث اهتم المصريون بالبحث عنه في صحراء سيناء وغيرها من الأراضي المصرية وقد صنعوه عقودا وحلي مختلفة ونحتوا منه الجعل (الخنفسة) وغيرها ، وكشفت في مدافن المصريين القدماء عن عدد كبير من هذه الحلي والتمائم ، كذلك صدّر المصريون القدماء هذا الحجر إلى المناطق القريبة منهم . كما عرف هذا الحجر الأغريق وأقوام الصين ، وامتد استخدامه إلى القبائل القديمة الهندية في المكسيك وأمريكا الوسطى وسكان البيرو (الأنكا) كما عرف الحجر في تركستان (جنوب روسيا) . ومناطق إنتاج هذا الحجر في الأزمان الغابرة كانت في صحراء سيناء - مصر ، ومنطقة نيسابور (إيران) وخراسان ، والمكسيك والصين وبيرو . ولاتزال بعض هذه المناطق تنتج الفيروز إلى اليوم . أما مناطق إنتاجه الجديدة الأخرى فهي في جنوبي غربي الولايات المتحدة وإمريكا الجنوبية والصين وإيران إلى حد ما .
إن أفضل أنواع الفيروز وأجملها ما كان مستخرجاً من منطقة (نيسابور) في إيران حيث يحظى هذا النوع من الحجر بشهرة واسعة في منطقة الشرق الأوسط يليه الحجر المستخرج حديثا من صحراء سيناء .
والفيروز حجر نحاسي يتكون من ترسب فوسفات النحاس الألمونيوم القاعدية وقد تدخل في تركيبه عناصر أخرى تسبب أحيانا اختلاف في ألوانه . حيث أن اللون الأساسي هو الأزرق السماوي والذي يرجع إلى وجود مكونات ومركبات النحاس . لذا فإن مال لون الحجر إلى الإخضرار فذلك معناه وجود عنصري النحاس والحديد معا في التركيب .
إن أجود ألوان الفيروز المرغوبة ما كان أزرقاً صافياً ، مشرقا كثير المائية ، مستوياً . وقد تجعل هذه الصفة فيه جوهرا غالي الثمن ونادرا .
ومن الفيروز ، ما كانت العروق السوداء المتشعبة تسري على سطح ألوانه الزرقاء ، والبعض من الأحجار تزداد زرقتها أو تميل للإخضرار وهنا قد يفقد الحجر بعضا من قيمته . وبسبب تركيب الفيروز الأساسي النحاسي فإن بعض أحجاره تميل إلى التأكسد وقد يطرأ تغير على الألوان . وغالبا ما يحذر من تعرضه للدهون ومن المواد الكيماوية الأخرى .
لقد أحاطت الأساطير بحجر الفيروز واعتبر حجر النصر والحجر الذي يستطيع كشف أسرار الإنسان النفسية عند تغير ألوانه وغيرها من الخرافات ، مما كان لها الأثر الكبير في إزدياد الطلب على الفيروز , منذ أقدم الأزمان .
ولم ينجح الناس في تقليد وتدليس حجر مثل حجر الفيروز الأصيل وخصوصا عند طحن المواد والشظايا غير المرغوب فيها منه مع إضافة الأصماغ وتوليفها وتصنيع كافة الأحجام والأشكال المطلوبة بعد الصقل الجيد .
لقد برزت منذ القدم صعوبة نحت الفيروز على شكل حبيبات مكورة ذات ألوان موحدة . إلا أن التقنية الحديثة في القطع والتصنيع حلّت هذه المشكلة فضلا عن ازدياد الطلب على حبيبات الفيروز بدلا من الفصوص والقطع المستعرضة أو المقببة . وهناك الكثير الكثير مما يمكن أن يثار حول حجر الفيروز نظرا لتداخله منذ الزمن القديم في كثير من صناعات الحلي ، وخصوصا الحلي العربية والبدوية والشرقية أو الغربية على حد سواء .
أما فيما يخص مسابح الفيروز فهي ثلاثة أنواع حسب مصدر الحجر .
أولها المسبحة الفيروزية النيسابورية (في إيران) حيث أنتجت وصنعت بأعداد قليلة جداً ، وتعتبر من النوادر ومن أغلى مسابح الفيروز والواقع فهي يمكن أن تصنف على أنها من الجواهر الكريمة . ويعود السبب إلى كلفة الفيروز النيسابوري المرتفعة وإلى صعوبة الحصول على خاماته بأحجام مناسبة تصلح لصناعة المسبحة . ولعل أندرها ما كانت حباتها ذات شكل كروي . كما لاحظنا أن حجم (أي قطر الحبة) لا يزيد عن (4) ملم ، معضمها أضيفت إليه فواصل ومنارات من الذهب وأحيانا من نفس نوع الفيروز ، ولم تعد ترى في هذه الأيام مسابح من هذا النوع والتي يميل لونها إلى الأزرق السماوي الفاتح واللمعان البراق وذو المائية الجيدة الصالحة للانعكاس الضوئي الرائق .
ثاني الأنواع الفيروزية هي مسابح فيروز سيناء في مصر ، حيث أفرزت فترة السبعينات والثمانينات إنتاج واسع ووافر مقارنة بالنوع الأول السابق ، على الرغم من السعر المرتفع التي تباع به . وحبات فيروز سيناء أكبر حجما في العادة وبالمقارنة أيضا وقد يزيد قطر حباتها أحيانا عن (5) ملم ، مع تمكن الحرفيين المصريين من صناعة المنارات والفواصل من نفس نوع المادة وإن كان بعضها صنعت له المنارات والفواصل من الذهب أو الفضة . وبعض الحبات من هذا النوع يشوب سطحها شوائب سوداء اللون أو بقع بيضاء إلا أنه لا يلغي جماليتها أو يلغي الطلب عليها . كما لوحظ عدم التساوي المطلق في ما بين أحجام الحبيبات الكروية أو البيضوية وأندرها ما كان ذات حبات متساوية في اللون والحجم واللون تماما . ولقد شاهدنا مسابح نادرة من هذا النوع ، على أية حال ، غاية في الإتقان والجمال عند التطلع إلى صفاء أديم حباتها الزرقاء المشرقة وهذا النوع ذو أسعار مرتفعة بالمقارنة وبشكل عام مع النوع الأول وفيروز سيناء أكثر زرقة من الفيروز الإيراني .
وفي العقد الأخير صنعت المسابح من الفيروز الأمريكي بالطرق الصناعية الفنية المتقدمة وأمكن انتاج مسابح ذات أقطار حبات تكون بحدود (
ملم (وبطبيعة الحال توجد أحجام أصغر) إلا أن فواصلها ومناراتها صنعت من الفضة ، ولون حباتها أزرق جميل فاتح اللون معرّق أو منقط باللون الأسود أو تشعباته وبسبب تشابهها مع الفيروز المقلد كثيرا فإن إنتاج المسابح من الفيروز الأمريكي انتهى في هذه الأيام تقريبا .
وعدد حبات معظم مسابح الفيروز الأصيل ، مهما كان مصدره يتراوح بين 33 حبة أو 45 حبة وهو الشائع . والنادر والقليل منها ما كان عدد الحبات فيها 99 حبة في المسبحة الواحدة .
ولقد أدى ولع الناس في منطقة الشرق الأوسط بهذا النوع إلى قيام صناع المسابح في ألمانيا وتايوان وهونق كونق والولايات المتحدة والبرازيل وغيرها إلى استنباط مواد مختلفة لتقليد الفيروز سواء تلك المصنعة من دقائق ومخلفات تلك المادة أو من الأتربة والمواد الكيماوية والمصبوغة بنفس ألوان الفيروز . وفي بداية السبعينات انتشر الإنتاج من مسابح النوع الثالث وهي الفيروز المقلد انتشارا هائلا وبصورة لم يسبق لها مثيل ، وتوزعت إلى المخازن والمتاجر وباعة المسابح والمجوهرات ، بأسعار مناسبة جدا ، بأشكال متعددة وأحجام مختلفة لا يمكن لحجر الفيروز الأصيل منافستها . ولقد أقبل الناس على شراء هذا النوع مدفوعين برغبتهم في الحصول على مسابح الفيروز أو ما يشبه الفيروز . وكثير من الناس من ينطلي عليه الفيروز المقلّد .
وبسبب اتقان الصناعة فلقد فاقت مسابح الفيروز المقلد الصلادة وثبات ألوان الفيروز الأصيل من حيث عدم تأثرها بالدهون والكيماويات والتأكسد التي تأثر أساسا على حبات الحجر الأصيل ولا تؤثر على أحجار الفيروز المقلدة . وفي مرحلة أخرى تم إنتاج بعض مسابح الفيروز المقلد من مركبات بلاستيكية مخلوطة مع مركبات أخرى مما جعل وزنها نوعياً إجماليا أخف من الأنواع السابقة الذكر . علما بأن صلابة حجر الفيروز الأصيل تتراوح ما بين (5) إلى (6) على مقياس موسى ويبلغ وزنها النوعي من (2.6) إلى (2.9) غم / سم3 .