اتهامات متبادلة بين الأزواج: ما إن تبدأ الإجازة الصيفية حتى يبدأ معها «النكد»، وتصبح الشكوى دائمة ومتبادلة بين الأزواج، ويظهر ذلك بشدة في الصراع على اختيار وجهة السفر؛ حيث يخطط الزوج للسفر إلى بلد، بينما تختار الزوجة بلدًا آخر. والغريب أنّ الكثيرين لا يعرفون منطقة وسطى للاختيار، أو النزول عند رغبة الطرف الثاني، فتكون الغلبة لصاحب الشخصية الأقوى. لكن هيهات أن تمر الإجازة مرور الكرام، فمن غلب رأيه يحاول أن يستمتع بالإجازة والسفر، بينما يبذل الطرف الثاني كل جهده لتعكير صفو الإجازة؛ لإقناع الطرف الأول أنه كان على حق حين رفض هذا الخيار... وهكذا يفيض سيل الاتهامات بالنكد بين الطرفين.
«سيدتي» استمعت إلى الاتهامات المتبادلة بين الأزواج والزوجات من جنسيات عربية مختلفة، وكان هذا التحقيق.
من العاصمة السعودية الرياض تقول الإعلامية أسماء المحمد: "مع الأسف يسعى الأزواج فيما بينهم؛ ليقنع كل طرف نفسه بأنه ضحية اختيار الآخر للوجهة التي تذهب إليها الأسرة خلال الإجازة خارج المملكة، ومن يغلب رأيه، ويخضع الآخر «مؤقتًا»، يحاول أن يستمتع بإجازته، لكن هيهات أن يحدث ذلك، فـ«النكد» لفظ ذكوري في الأساس، والمرأة دائمًا تسعى لتلطيف الأجواء من أجل أن تشعر هي بسعادة ما، أو على الأقل تمضي وقتًا مع الزوج والأولاد في الإجازة الصيفية يكون لطيفًا وسعيدًا على الجميع، وربما يكون لارتفاع درجات الحرارة في منطقة الخليج كلها دخل في هذا النكد، الذي أحيانًا يكون غير مبرر".
تختلف الباحثة المغربية في جامعة مدريد حنان برهون مع المحمد في هذا الرأي، وتقول: "في الأيام العادية عادة ما تكون المرأة هي "المنكدة"، ربما للفت الانتباه، أو لتعبيرها عن احتياجها إلى الدلال وإلى اهتمام خاص، أما في أيام الإجازات فيعيش الرجل حالة فراغ، وإن لم يسافر يحاول أن يشغل وقته في النكد على زوجته وأولاده، ويتدخل حتى في طريقة قلي البيض، وفي الأشياء البسيطة التي لم تكن تلفت انتباهه من قبل، هذه هي طريقته في الإعلان عن وجوده في البيت، وشعاره الدائم "أنا أنكد، إذن أنا موجود»، أما في السفر، خصوصًا إذا كان نزولاً عند رغبة الزوجة وتحقيقًا لطلبها الذي يبدو في البداية بمنتهى الرومانسية، فالخاتمة تكون دائمًا غير سعيدة، والعودة تكون مليئة بالـ"نكد" الممتد لأسابيع بعد الرجوع من السفر".
أمسكت الإعلامية السورية خولة غازي العصا من المنتصف حين قالت: "النكد شراكة متبادلة بين الأزواج، "الرجل والمرأة" يستغلانه وقت الضيق، والفراغ يصنع النكد، و"أبو النكد" أيضًا، ولكل منهما ملفاته لدى الآخر، وحين تختار الزوجة مكانًا للسفر، ولا يرضى عنه الزوج تتحول الإجازة إلى نكد، أو العكس، وهنا أنصح الأزواج بأن يستغلوا هذا الوقت في الاستمتاع بالإجازة، والانشغال بما هو مفيد لتجديد الحياة بينهما، فهذا أفيد من تمضيته في النكد الذي يهرب منه الجميع".
وتساءلت الفنانة التونسية رجا بنت سعيد قائلة: "لماذا الزوجة متهمة دائمًا بالنكد؟ لماذا لا يكون الزوج هو المتسبب الرئيس في النكد؟ فالنكد قبل وفي أثناء وبعد الإجازة موجود في حياة البعض مهما حاولوا الفرار منه، لكن غالبًا ما يكون الرجل هو المتسبب فيه مهما حاولنا تجميل الصورة، وليس هناك أي فرق بين رجل وآخر في هذه المسألة، فكلهم نسخة واحدة في الجري وراء النكد، خصوصًا في الوقت الذي يشعر فيه بأن الزوجة في حالة مزاجية جيدة في أثناء الإجازة. المرأة والرجل كلاهما شريكان في الحياة بكل ما فيها، حتى ولو كانت نكدًا".
الأزواج يدافعون: يرى الإعلامي السعودي أحمد المسيند أن توتر العلاقة بين الزوجين في الإجازة يعود إلى تباين البرنامج لكليهما، فالرجل يعمل والمرأة في الجملة لا تعمل، تسهر الليل كله، في حين أن الزوج لا يمكنه ذلك، والجو الاجتماعي كله محرض للتنزه والفسحة وضاغط على الرجل، خصوصًا إذا لم يسافر برفقة زوجته وأبنائه، وتنشط لدى النساء في الإجازة مشاعر "الغيرة" و«التفاخر» بالسفر، فالبعض يريد أن يسافر من أجل السفر في بعض الأحيان وليس للمتعة، بل لـ"الفشخرة" الاجتماعية، كما يقال بالعامية في الرياض، وأعتقد أنّ تخطيطًا مبسطًا لكل أسبوع في أثناء الإجازة تحدد فيه أيام للتنزه ولإنهاء المهام، وتحديد وقت للسفر سواء أكان محليًّا أم خارجيًّا، كفيل بتقليل توتر العلاقة بين الزوجين. لب النكد يكمن في "الفراغ"، وعدم وجود رؤية لاستغلال الإجازة، سواء أكان ترفيهيًّا أم مهاريًّا؛ لذا جميل أن تكون هناك أهداف، حتى وإن كانت متواضعة، ويكون هناك حديث نفسي لاستغلال الإجازة، والاتفاق بين الزوجين لآلية الخروج للنزهة، والبقاء في البيت من شأنه أن يقلل اللغط بين الزوجين؛ لذا كلما كانت الأمور مرتبة ومخططًا لها قلت نقاط الاختلاف، إضافة إلى ضرورة قناعة الزوجة وعدم تحميل الزوج فوق طاقته.
يرفض السعودي محمد الدعجاني (موظف يعمل في الرياض) كل الاتهامات التي توجه إلى الأزواج بأنهم هم سبب النكد خلال الإجازة، لأنّ الرجل يتكلف ما لا يطيق من أجل إسعاد زوجته وأولاده، فكيف له أن يحوّل كل هذه الاستعدادات المالية والنفسية التي يستعد لها طوال العام من أجل شهر واحد في الصيف لتمضيته في أجواء أسرية خارج روتين العمل الممل إلى كابوس يفر منه الجميع؟! الرجل يفاجأ في كثير من الأحيان بأنه متهم رئيس في النكد من كل جهة، فالزوجات لا حديث لهنّ غير نكد الأزواج، ربما لدفع الحسد عنهنّ، فالرجل في حقيقته طفل كبير يمتلئ سعادة من ابتسامة ولو كاذبة، خصوصًا وقت الإجازة، حتى لو كان هو صاحب اقتراح وجهة السفر، وكانت الزوجة غير راغبة فيها، لكنه في النهاية هو المسؤول عن كل النتائج في حال فشل السفر، والتفاهم حول كل التفاصيل قبل بدء الإجازة هو الحل الأمثل.
الرأي نفسه أكده زميله فهد الزهراني، الذي رأى أنّ الرجل يجب أن يشعر بالراحة، وأنّ رغباته يجب أن تنفذ، مهما كانت الظروف؛ لأنه يضحي طوال العام لإسعاد زوجته، وتأتي الزوجة التي غالبًا ما تكون "نكدية"؛ لتعكر صفو الحياة بأكملها، وتحول الإجازة كلها إلى "نكد".
اتفق وليد سامي، محاسب مصري مقيم في القاهرة، مع الرأي السابق، وقال: "الزوج دائمًا مغلوب على أمره، والزوجة هي التي تقرر، وتريد أن ينفذ الزوج كل رغبات وأحلام الزوجة، وكأنه لا دور له غير الإنفاق، وهو صامت بلا حول أو قوة، وبالمناسبة «النكد» ظاهرة عربية عمومًا، وبسببها تقع الكثير من حالات الطلاق بين الأزواج".