التمر وأساس الولادة الميسّرة
أيها الإخوة المؤمنون ... أيةٌ قرآنية ، في سورة مريم ، وفي قصة السيدة مريم بالذات ، كلماتٌ ثلاث ، يكشف الطب الحديث ، أنها أساس الولادة الميسَّرة ، يقول الله تعالى ، مخاطباً السيدة مريم :
وهزي اليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا.(25).فكلي واشربي وقري عينا فاما ترين من البشر احدا فقولي اني نذرت للرحمن صوما فلن اكلم اليوم انسيا (26).
( سورة مريم )
أما كلمة : قري عين استنبط العلماء من هذه الآية ، أن الحالة النفسية للمرأة قُبَيْل الولادة ، لها علاقةٌ وشيجة بتيسير الولادة ، إذا كانت المرأة مطمئنة ، قريرة العين ، هادئة البال ، ليس هناك مشكلة في البيت ، زوجها يكرمها قبيل الولادة ، إن حالتها النفسية المريحة ، وطمأنينتها ، وقرَّة عينها ، إنه عاملٌ أساسيٌ في سهولة ولادتها ، فأي اضطرابٌ نفسي ، وأية أزمةٍ عاطفية ، وأية مشاجرة بين الزوجين ، والمرأة على وشك الولادة ، إنها تعيق الولادة ، وربما اضطرت المرأة إلى إجراء ولادةٍ عسرة، ولذلك مااستنبط العلماء من وقرّي عينا :
فكلي واشربي وقري عينا.
أما كلي ، ولحكمةٍ بالغة أن الله سبحانه وتعالى ، يقول :
وهزي اليك بجدع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا.(25) فكلي واشربي وقري عينا.
( مريم : من آية " 25 ،26" )
من أغرب الكشوف العلمية ، أن في الرطب مادةً تعين على انقباض الرحم ، جوف الرحم كما تعلمون ، من اثنين ونصف سانتيمتر مكعب ، إلى سبعمئة وخمسين سانتيمتر مكعب ، أي إثنين ونصف سانتيمتر مكعب قبيل الحمل ، وفي أوج الحمل يزيد جوف الرحم عن سبعمئة وخمسين سانتيمتر مكعب ، وهذا الجنين ، وتحته المشيمة ، والمشيمة موصولةٌ بِشرايين الأم ، فإذا نزل الجنين من رحم الأم ، وتبعته المشيمة ، تقطَّعت هذه الشرايين ، هذه الشرايين مفتوحة ، لو بقيت مفتوحة لنزفت الأم وماتت ـ تموت من النزيف ـ لذلك ربنا سبحانه وتعالى لحكمةٍ بالغة ، يجعل الرحم تنقبض انقباضاً شديداً ، إلى درجة أن قوام الرحم يصبح قاسياً كالصخر ، فإذا وضعت القابلة يدها على الرحم ورأته قاسياً ، تطمئنُّ إلى أن الولادة صحيحة ، إن الرحم بانكماشها الشديد ، تغلق بانكماشها كل الشرايين المفتوحة ، وبهذا ينقطع النزيف ، في التمر وفي الرطب مادةٌ تعين على انقباض الرحم ، لذلك وردت كلمة الرطب في آية المخاض :
وهزي اليك بجدع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا (25). فكلي
إن في الرطب مادة تعين على انزلاق النفايات في الأمعاء الغليظة ، مادة منظفة ومليِّنة ، وما من امرأةٍ على وشك أن تضع إلا ويحرص الطبيب ، أو القابلة ، على أن تكون أمعائها خاليةً من كلِّ شيء ، لئلا يعيق امتلاء الأمعاء خروج الجنين من الرحم ، إن في التمر نفسه مادة مليِّنة ، ومنظفة للأمعاء ، ولاسيما الغليظة .
شيء آخر ، الطلق عملية مجهدة ، فالقلب أحياناً يزيد ضرباته من مئة ضربة في الدقيقة ، أو من ثمانين ضربةٍ في الدقيقة ، إلى مائة وثمانين ضربةٍ في الدقيقة ، ليواجه هذه التقلُّصات العنيفة، فالقلب يحتاج إلى غذاء، والحركات العضلية تحتاج إلى غذاء ، لذلك التمر لا يستغرق تمثُّله أكثر من عشرين دقيقة من الفم إلى الدم مباشرة ، فهو أسهل مادةً للهضم ، ولتحوِّلها من غذاءٍ إلى طاقة .
شيءٌ أخير ، هو أن في الرطب مادةً تمنع النزيف ، تعين على انقباض الرحم ، وتمنع النزيف ، وتنظِّف الأمعاء وتعقمها ، وتطهِّرها ، وتليِّنها ، وتغذي المرأة التى على وشك الوضع ، بغذاءٍ سكريٍ ، من أعلى مستوى ، بأسهل طريقةٍ ، وبأقصر وقت ، وجاء في كتاب الله عز وجل:
وهزي اليك بجدع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا(25). فكلي
إن هذا التمر مركَّز تركيزاً شديدٌاً جداً ، فهو يحتاج إلى سائلٍ ينحلُّ فيه ، كي يسهل الامتصاص
فكلي واشربي
لماذا يحتاج الإنسان بعد أن يأكل الحلو إلى الماء ؟ هكذا فطرته لأن الحلو يحتاج إلى تمديد ، وإلى أن ينحل في سائل كي يسهل هضمه ، لذلك شرب الماء ضروري للمرأة التي على وشك الوضع ، وحالتها النفسية المطمئنة عنصرٌ أساسيٌ في الولادة ، وأن يكون طعامها فيه أشياء أربعة ؛ مواد تعين على انقباض الرحم ، ومواد تمنع النزيف ، ومواد تنظِّف الأمعاء وتليِّنها ، ومواد أخرى تغذي بأقصر وقتٍ وأيسر سبيل .
هذا القرآن الكريم ، هذا كلام رب العلمين ، كلماتٌ في قصة ، ولكن لو وقفت عندها لوجدت العجب العجاب :
وهزي اليك بجدع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا. فكلي واشربي وقري عينا
لا بدَّ من غذاءٍ خاص ، ولا بدّ من شرابٍ كثيف ، ولا بدَّ من طمأنينةٍ نفسية .
أيها الإخوة المؤمنون ... هذه بعض آيات القرآن ، وكيف أن العلم كلَّما تقدَّم ، اكتشف أن هذا الكلام كلام ربُّ العالمين ، كلام خالق الأكوان ، وليس كلام البشر .
والحمد لله رب العالمين